كتب _ أشرف المهندس
اللقاء الايماني مع فضيلة الدكتور اسماعيل المرشدي من علماء الأوقاف
أولاً: أهمية وسائل الاتصال الحديثة في الحياة بين المسلمين وغيرهم.
توجُّهت أنظار الناس جميعًا إلى هذه الوسائل واهتمامهم وتعلقهم بها. مع اختلاف أنواعها، وأشكالها فمنها الصوتي، ومنها الصوري، ومنها الفيديو، ومنها الرسائل، وهو ما يدعم أهميتها. وتتميز بانعدام المحدودية فليس لها حدود زمانية ولا مكانية ولا نوعية أو جنسية؛ ولذا فهي تتخطى كل الحواجز، أضف إلى ذلك سهولة استخدامها وصيرورتها شيئًا عاديًا، ليس من الصعب التواصل بها والتعامل معها. ولم يعُدْ هذا الاتِّصال مقتصِرًا على عنصرين متقاربَين فقط، بل أصبح بإمكان أيِّ شخص أن يَنفتح على العالَم بأكمله، دونَ حَواجِز أو مُثَبِّطاتٍ؛ لأن ما حدث اليوم من ثورة حَقيقيَّة في عالم الاتصال، وما ظهر فيه من تقنيات عالية متجدِّدة، جعل للاتِّصال وظائفَ جديدةً لم تكنْ في مُتناول الفكر الإعلامي من قبلُ. وهو ما يمكِّن الداعية من الوصول إلى الناس بسهولة وبدون تضييقات معيَّنة. فكَثرت مَوارد الحُصولِ عَلى المعلومات وتَوفُّرُها، وذلك أنَّ المعرفة لم تعد تتوقَّف على مصدر واحد، أو مصدرين كما يحدث قديمًا -الكتاب والشيخ أو المعلِّم مثلاً – ولم تعد حكرًا على جنس أو صنف دون آخر، بل وجدت هناك مصادر جديدة، وموارد متعدِّدة تُمَكِّن طالب العلم مِن الاطِّلاع على الموضوع الواحد انطِلاقًا مِن مصادر متَعدِّدة مختلفة.
ثانيا:- أسباب إدمان وسائل التواصل
1-. الطبيعة الشخصية للمدمن على الفيس بوك : فمثلا الشخصية الانطوائية الغير قادرة على إنشاء علاقات طبيعية وسوية داخل مجتمعها قد يكون الفيس بوك المنفذ الأفضل لديها لإنشاء علاقات صداقة تعوضها على ما سببته عدم الثقة بالنفس داخلها من إنشاء علاقات إنسانية
2-. الفراغ وخاصة عند الفتيات نظرًا لجلوسهم مده طويلة داخل المنزل الأكثر عرضه للتعلق ولإدمان الفيس بوك عن الأولاد الذين قد يكون نشاطهم خارج المنزل مقللا لحدة تأثرهم بالفيس بوك. 3-. الصدمات النفسية المتتابعة نتيجة علاقات إنسانية واقعية قد تدفع الإنسان إلى الهروب عبر الفيس بوك وغالبا ما يحاول تعويض نقصه وفشله من خلال تقمص شخصيات مضادة ومعاكسه لشخصيته داخل الفيس بوك.
4-. التفكك الأسرى وعدم متابعة الأبناء قد يدفعهم إلى الهروب من جحيم المشاكل الأسرية إلى عالم افتراضي أخر مثل الفيس بوك والألعاب والفيديوهات .
ثالثًا: بعض مخاطر وسائل التواصل
1-. إشاعة الفاحشة وتتبع عورات الناس: تجد الكثير من الناس عنده حب إشاعة الفاحشة وإيذاء المسلمين والمسلمات والفاق التهم بالآخرين دون وجه حق ويتعمد هذا الفعل مع أن الله تعالى يقول: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ﴾ ﴿ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ ﴾ فالتساهل في نقل خبر سببًا لإصابة الآخرين، ويكون فيه ضرر لهم، سواء شعرت أم لم تشعر. وهناك من ينشرها من باب الفضول و الجهل بخطرها وضررها مع أن الله تعالى قال { إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُمْ مَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ (15) وَلَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُمْ مَا يَكُونُ لَنَا أَنْ نَتَكَلَّمَ بِهَذَا سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ } وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «كَفَى بِالْمَرْءِ كَذِبًا أَنْ يُحَدِّثَ بِكُلِّ مَا سَمِعَ» عَن ابنِ عمَرَ قَالَ: صَعِدَ رَسُولُ اللَّهِ الْمِنْبَرَ فَنَادَى بِصَوْتٍ رَفِيعٍ فَقَالَ: « يَا مَعْشَرَ مَنْ أَسْلَمَ بِلِسَانِهِ وَلَمْ يُفْضِ الْإِيمَانُ إِلَى قَلْبِهِ لَا تُؤْذُوا الْمُسْلِمِينَ وَلَا تُعَيِّرُوهُمْ وَلَا تَتَّبِعُوا عَوْرَاتِهِمْ فَإِنَّهُ مَنْ يَتَّبِعْ عَوْرَةَ أَخِيهِ الْمُسْلِمِ يَتَّبِعِ اللَّهُ عَوْرَتَهُ وَمَنْ يَتَّبِعِ اللَّهُ عَوْرَتَهُ يَفْضَحْهُ وَلَوْ فِي جَوْفِ رَحْلِهِ»
2-. الظن السيئ بإخوانك : قال تعالى: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ ) نهى الله تعالى عن كثير من الظن السوء بالمؤمنين، كالظن الخالي من الحقيقة والقرينة، وكظن السوء، الذي يقترن به كثير من الأقوال، والأفعال المحرمة، فإن بقاء ظن السوء بالقلب، يحمل صاحبه حتى يقول ما لا ينبغي، ويفعل ما لا ينبغي .
3 -. الغيبة و النميمة: وهى أمر قد انتشر كثيرا في هذه الوسائل، فحري بالمسلم أن يبتعد عن هذه المحرمات فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، قَالَ: «أَتَدْرُونَ مَا الْغِيبَةُ؟» قَالُوا: اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ: «ذِكْرُكَ أَخَاكَ بِمَا يَكْرَهُ» قِيلَ أَفَرَأَيْتَ إِنْ كَانَ فِي أَخِي مَا أَقُولُ؟ قَالَ: «إِنْ كَانَ فِيهِ مَا تَقُولُ، فَقَدِ اغْتَبْتَهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ فَقَدْ بَهَتَّهُ» (بهته) قلت فيه البهتان وهو الباطل والغيبة ذكر الإنسان في غيبته بما يكره , لاحظ كم من الأقاويل التي تقرأها وتسمعها أن فلانا فعل كذا وكذا ، وغيره فعل كذا وكذا ، والناس تسمع وتصدق بل ويقوموا بنشر هذه الأقوال فيسعوا هم كذلك بالنميمة بغية الإفساد والوقيعة بين الناس والفاق التهم بهم مع أن الله تعالى حرم النميمة فقال تعالى: (هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ ) .
4-. كثرة الكذب: كم من الأخبار الكاذبة التي قرأتها علي الفيس أو الواتس وغيرهما، كم مرة صدّقت الخبر وبنيت عليه أمور كثيرة ، ثم تبين لك أن الخبر كاذب ، بل كم من الأحاديث المكذوبة على رسول الله صلى الله عليه وسلم التي تتسبب في إضلال كثير من الناس، وكم من الصحابة الذين ينسب إليهم أقولا هم منها براء، أما علم هؤلاء الذين ينقلون أخبارا كاذبة أنهم محاسبون عليها كما قال تعالى: (وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا ) .
5-. السرقة: كسرقة الواي فاي مثلا وهذا أمر منتشر كثيرا بين الناس وخصوصا الشباب منهم وهذا اعتداء على حق الغير ويعتبر سرقة، وقد أخذت حق ليس من حقك، فلا يجوز لك استخدامه إلا بعد أن تستأذن صاحبه، وليس بمبرر أن تقول أني استطيع الدخول إلى الانترنت من خلاله سواء كان بدون رقم سري أو تعرفه أو تستطيع اختراقه بأي وسيلة كانت، ”
والنبي صلى الله عليه وسلم قال ( كُلُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ حَرَامٌ، دَمُهُ، وَمَالُهُ، وَعِرْضُهُ)
6-. النظر إلى الحرام: كم من الصور المحرمة التي تعرض أمامك وكم فيها من المخالفة لأمر الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم فمن الناس من يغض طرفه مرة ويفتن مرات ومنهم من يفرح لرؤيته ما يكون سبب لضياع آخرته ودخول إلى المواقع المحرمة المتخصصة في اظهار العورات على سبيل صور وفيديوهات والتي يسمونها إباحية وكأنها أمر مباح، مع أن الله تعالى قد نهى المسلمين عن النظر إلى ما حرم عليهم حفاظا عليهم مما قد يؤدي إلى مفاسد كثيرة كالزنا وغيره، قال تعالى (قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ (30) وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ… )
وكم من الرجال قد استغنى بهذا الحرام عن زوجته من الحلال فأدى هذا إلى ما لا يُحمد عقباه.
7-. ضياع الوقت: في الجلوس ساعات طويلة على صفحة الفيسبوك، والذي يؤدّي إلى فقدان الشعور بالواقع، والعيش في العالم الافتراضي، وعدم قدرة الشخص على الموازنة بين الأنشطة المختلفة، والواجبات المكلّف بها في الجانب العملي، والتزامات الأصدقاء في عالم الفيسبوك، وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: ” نِعْمَتَانِ مَغْبُونٌ فِيهِمَا كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ: الصِّحَّةُ وَالفَرَاغُ ” .
8-. ترك الصلاة والقرآن الكريم: شغلت الناس عن ذكر ربهم حتى اصبحوا لا يمر يوم تقريبا إلا واستخدموها ، ولكنه قد تمر أيام دون ذكر الله ، وشهور بدون قراءة القرآن حتى شملهم قو الله تعالى : (وَقَالَ الرَّسُولُ يَارَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا ) .